11 - 05 - 2025

عاصفة بوح| أغمض عينيك و تخيل!

عاصفة بوح| أغمض عينيك و تخيل!

قالها المحامى فى معرض دفاعه عن الزنجى التي اغتصبت طفلته السوداء.. بعدما وجد أن القضاء وبتاثير من حالة العنصرية المقيتة التى تسود، لن يقتص من هؤلاء المجرمين، بل سيسهل لهم طريق الإفلات من العقاب، قالها بعدما يئس من تنفيذ القانون على السيد الابيض، الإله صاحب الحق فى انتهاك كل ما هو أسود اللون المخطوف اساسا ليستعبد فى القارة الجديدة.

نظر إلى المحلفين طالبا منهم أن يغلقوا أعينهم للحظة، ويتخيلوا معه ما حدث لتلك الطفلة السمراء من انتهاك لجسدها الصغير ومن تعذيب ومحاولة القتل بعد الاغتصاب المفزع للجسد البريء، قالها بهدوء وتصميم: تخيلوا هذا الجرم البشع وبتفاصيله المرعبة قد حدث لفتاة بيضاء قد تكون ابنتك أو ابنة القاضى نفسه الذى يحقق فى الجريمة.

تخيلوا أنه قد حدث من نفس هؤلاء الأشخاص وبتلك التفاصيل المجرمة، وتأكدت أن الاتجاه العام يميل  إلى  إفلاتهم من العقاب ورأيتهم غير مبالين بما يحدث حولهم فى ساحات العدالة، يبتسمون فى وجهك بوقاحة وشماتة متيقنين أن لا أحد يريد أو يجرؤ على عقابهم وأنهم سيخرحون من القضية عازمين الأمر على تكرارها متى يعن لهم ذلك، فالضحية بلا قيمة أو ثمن أو سند، مستباحة العرض والحياة لمجرد انها سوداء فى مجتمع عنصرى.. فماذا يمكن أن تفعل ؟ تتقبل إهدار حقوق طفلتك أم ستقتلهم ما دام القانون آ قد غدر بك؟

نعم أنا أطالبكم أيها السادة أن تغمضوا أعينكم، أطالب أصحاب المروءة والضمير الحى أن يتخيلوا أن ماحدث لأقباط المنيا قد حدث لمسلمين تعرفونهم فى بلد آخر، مؤمنة بدين آخر وعلى أساس هذا الاختلاف يتم وبتكرار مستفز وفاجر الاعتداء عليهم وحرق بيوتهمآ  وسبى أموالهم وهتك أعراض نسائهمآ  وقتلهم، ثم يأتى الحكم بدلا من معاقبة المجرمين، تراهم يضغطون على الضحايا أن يتنازلوا عن الفصاص ويقبلوا ما لا يجب أن يقبل وفى النهاية يكون الحل تهجيرهم من قراهم!

فقط تخيلوا تلك التفاصيل المهينة، فهل تقبلها وتجد لها المبررات والأعذار؟ لقد فجعنا كلنا مما حدث لمسلمى الروهنجة من فظاعات وجرائم تصنف كجرائم ضد الانسانية ووجدت من يدافع عنها لمجرد أنهم أقلية ومختلفى الديانة.. فهل تقبلتها أم فزعت من الكيل بمكيالين، والغياب التام للضمير الانسانى ولكل آ ما نادت به الشرائع السماوية قبل الانسانية، فلماذا تتقبلها من هؤلاء الداعشيين وتجد لهم ولو مبررا واحدا؟

للأسف لا بد أن نعترف أن السلفية الوهابية قد اخترقت المجتمع بالكامل فى عهود التوظيف السياسى للدين، بما فيه الأجهزة الأمنية، فيتم تشكيل غطاء لهؤلاء المجرمين وحماية ظهورهم لأن فكرهم واحد وآن الاوانآ  لتطهير مؤسسات الدولة منهم.

كلنا كنا ضحايا للحقبة الوهابية التى هجمت على مصر منذ السبعينات، حتى وصلنا أمثال هؤلاء المعتدين الذين يرون أن من واجبهم دينيا أن يعتدوا على أشقائهم المسيحيين لمجرد أنهم يمارسون شعائر دينهم ويجدون ذلك مبررا للعدوان!

لابد من مواجهة تلك الأسباب و مبررات العدوان على إخوة لنا الآن وليس غدا، لأن أسبابها واضحة وليست خافية على أحد، الجهل والأمية الدينية والتوظيف السياسى والاقتصادى للدين، لتأصيل الظلم والرضوخ للحاكم، وقد آن الأوان أن تعود نلك الأفكار إلى صحرائها، وتعود مصر الحضارة بفهمها الواعى لقيم الدين الحقيقية، وأخيرا فإن الحل لتلك المصيبة هو التعليم وبعده التعليم ثم التعليم!
---------------------

بقلم وفاء الشيشيني 

من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | علمتني غزة